ملاحظة كمقدمة : أن دارس هذا النوع من النشاطات الإنساني يميل لإهمال فكرة إن المجتمع هو خليط ملغم بعناصر عدة توجد في الحياة العادية ، وهذه المعلومات مأخوذة عنه من كتاب الحشاشون فرقة ثورية في تاريخ الإسلام للكاتب برنارد لويس ولكنها مختصرة بصورة مشوهة ، وقد أوضح خير الله رشك سعيد،ذلك التشويه في مقدمة الكتاب بعنوان الاستشراق ، أو بالأحرى اقتطعت الجمل الأكثر جدلاً حول شخصيتا ( الحسن بن الصباح وشيخ الجبل سنان راشد الدين) وأعمال الفدائية الخاصة جداً، والتي تم تدريبهم تدريباً يجعلهم غير معروفين ، وبالتأكيد هي حالة ( أفعل كما أقول وليس أفعل كما أفعل ) استدعى الحسن ملازميه الأكثر ثقة من المعاقل التي حافظا عليها باسمه ، وهم: بوزريك أوميد ،، وأبا علي أردستاني من قزوين ،، مسؤولاً عن الجانب الروحي والعقائدي والمادي ، بينما أوكل لحسن آدم كسراني وكيابو جعفر المهام العسكرية والإدارية للمنظمة الفدائية ، قيل الحسن بن الصباح مات في الغالب مباشرة ، ليلة الجمعة في السادس والعشرين من ربيع الثاني لعام 518 هـ 12 حزيران 1124 عن عمر يناهز التسعين عاماً ، الحشاشون وتعني في مدلولها العربي العساسين واعتبر بعض الشراح ذلك جذر الكلمة وتتضمن في النهاية (حراس الأسرار ) وتعني في مدلولٍ آخر الحشاشين هم أكلة الحشيش أو العشب البري الذي ينبت على ضفاف الأنهار والسهول أيام حصار قلاعهم من قبل أعدائهم طيلة ثماني سنوات ،تعرض ساكنو القلاع للمجاعة واضطر الإسلاميون الإسماعيليون إلى اتخاذ العشب البري لهم غذاء . أما الكلمات الأكثر حقداً على جماعة الحسن بن الصباح أخذت من كتاب ( تاريخ فاتح العالم جهانكشاي . في تاريخ الخوارزميين والاسماعيليين الحشاشين وفتح مدينة بغداد على يد هولاكو تأليف عطا ملك الجويني حاكم بغداد بعد هولاكو ) .نقله عن الفارسية وقارنه بالنسخة الانكليزية ، الدكتور محمد التونجي المجلد الثاني :
ركن الدين خورشاه بن محمد الثالث ( 656 هـ / 1258 م )
خورشاه بن محمد الثالث ( علاء الدين ) بن الحسن الثالث ( جلال الدين ) بن محمد الثاني ( نور الدين ) الإسماعيلي النزاري الفاطمي ُّ مذهباً الفارسيُّ إقامةً ووفاةً ، ركن الدين ، الملقب بشمس الشموس .
آخر الزعماء الإسماعيليين في بلاد فارس ، وثامن من حكم ألموت منهم (653 – 654 هـ / 1255 – 1256 م ) ولي الحكم بعد وفاة والده علاء الدين محمد الثالث في 30 ذي الحجة سنة 653 هـ /1255 م . اجتاح هولاكو المغولي القلاع الإسماعيلية في فارس واستولى على قلعتهم مركز الدعوة ( ألموت ) وأخذ ركن الدين خورشاه معه أسيراً ثم قتله في 26 شوال سنة 656 هـ 1258 / ) وبمقتله ، شتت عائلات الطائفة الإسماعيلية من قلاعهم وقراهم ، بعد أن دامت مئة وإحدى وسبعين سنة ( 483-654 هـ 1090- 1256 م ) تعاقب على الحكم خلالها ثمانية زعماء .
نشأت دولة القلاع الإسماعيلية النزارية ومراحل حياتها – التعريف .
سميت دولة آلموت الإسلامية الإسماعيلية الفاطمية النزارية المشرقية امتدادا لدولة الفاطميين في مصر ، تدعو إلى إمامة نزار بن المستنصر بالله ، أسسها الحسن بن الصباح الذي اتخذ من قلعة آلموت في فارس مركزاً لنشر دعوة الإمام نزار وترسيخ أركان دولة القلاع .
وقد تميزت دعوة الحسن بن الصباح الدينية والسياسية باحترام الجوار ، والدفاع عن الجبهة الشرقية من بلاد الإسلام ضد الغزو المغولي وتآمر المتعاونين مع دولة السلاجقة ، وكلمة الحشاشين ( Assassin ) دخلت بأشكال مختلفة في الاستخدام الأوروبي بمعنى القتل خلسة أو غدرا أو بمعنى القاتل المحترف المأجور ، لتشويه سمعة قائد وأبناء هذه الدعوة . والحشاشون : مصطلح أطلقه عليهم القساوسة مثل بروكاردوس ، ويعترف برنارد لويس في كتاب الحشاشين ظهرت لأول مرة في سجلات الصليبيين بعد اغتيال : كونرادا وف مونتغيرات ، أمير صور ، على يد الفداوية وهو الاسم الذي كان يطلق عليهم ، كانت تدافع عن نفسها ومعتقداتها بشجاعة نادرة دبت الرعب في قلوب خصومهم ،
التأسيس وأبرز الشــخصيات :
الحسن بن الصباح : ولد بالري عام 430 هـ ونشأ نشأة إسلامية على طريقة المذهب الأثنى عشري ثم اتخذ الطريقة الإسلامية الإسماعيلية الفاطمية وعمره 17 سنة ، وفي عام 471 هـ 1078 م ذهب إلى مصر لإتمام علومه الدينية في عهد الإمام المستنصر بالله ، عاد بعد ذلك لينشر علوم الدعوة بين أفراد الجماعات الإسلامية الإسماعيلية داخل بلاد فارس ، وقد تسنى له شراء عدد من القلاع أهمها قلعة آلموت سنة 483 هـ التي اتخذها عاصمة لدولته الإسلامية الإسماعيلية النزارية .
في عهده مات الإمام المستنصر بالله 487 هـ 1094 م حاول الوزير بدر الجمالي قائد جيش الدولة الفاطمية في مصر قتل ولي العهد والابن الأكبر (( نزار )) لينقل الإمامة إلى الابن الأصغر المستعلي الذي كان في الوقت نفسه ابن أخت الوزير . وبذلك انشقت الدولة الفاطمية إلى نزارية مشرقية ، ومستعلية مغربية .
أخذ الحسن بن الصباح يدعو إلى إمامة نزار ، وأن الإمامة قد انتقلت من الإمام المستنصر بالله إلى أبنه الإمام نزار ، وقد حضر إلى قلعة آلموت في بلاد فارس من مصر وبقي أمر الإمام طي الكتمان عن الكيانات الأخرى غير الإسلامية الإسماعيلية الفاطمية .
توفي الحسن بن الصباح عام 518 ـ 1124م
توفي الحسن بن الصباح عام 518هـ/ 1124 م من غير سليل لأنه كان قد أقدم على قتل ولديه أثناء حياته .
كيابزرك آميد :
حكم من عام 518 هـ 1124 م إلى سنة 532 هـ / 1138 م كان قائداً لقلعة لامسار لمدة عشرين عاماً ، وخلال فترة حكمه دخل في عدة معارك مع حكام السلاجقة لكثرة تحرشهم واغتيال بعض من أفراد العائلات التي كانت قريبة من حدود دولة السلاجقة ، كما انه كان أكثر تسامحاً وسياسة من الحسن بن الصباح .
محمد كيابزرك آميد :
حكم من سنة 532هـ 557 / 1138 - 1162 - م : كان يهتم بالدعوة للإمام كما كان يقوم باحترام سياسة الآخرين في الدول المجاورة وفرائضهم الدينية الإسلامية ، قد أقدم على التعامل بشدة مع أتباعه ممن خالفوا تعاليمه الدينية ممن تأثروا بتلك المعتقدات .
الحسن الثاني بن محمد :
حكم من عام 557 / 561 هـ/ 1162 – 1166 م أعلن في شهر رمضان 559هـ كما ادعى المغرضون والحاقدون عليه من العلماء في الدول المجاورة ، قيام القيامة ، وأنهى الشريعة ، واسقط التكاليف وأباح الإفطار ، ثم أقدم بعد ذلك على خطوة أخطر وذلك بأن ادعى بأنه من الناحية الظاهرية حفيد لكيابزرك ولكنه في الحقيقة إمام العصر وأبن الإمام السابق من نسل الإمام نزار .
كان يجمع بين مذهبه وبين مواعظ الصوفية وحكمهم . ، وشته ربانه كان منذ حياة أبيه يتحدث بما يثير الإعجاب ، وهؤلاء العامة لم يسمعوا بمثل هذا الكلام من أبيه راحوا يوقنون بأنه الإمام ، وحين علم أبوه بالأمر لامه لوماً شديداً وجمع أتباعه قائلاً لهم ( إن حسناً هذا ابني ولست إماما وإنما داع من دعاته وكل من لم يسمع مني ولم يصدق قولي فكافر ملحد ).
محمد الثاني بن الحسن الثاني :
من 561-607 هـ 1166- 1210 م طور نظرية القيامة ورسخها ، وقد ساعده على ذلك انحلال هيمنة السلاجقة في عهده وضعفهم وظهور التركمان وبداية التوسع التركي .
:إن هذه المعطيات تشكل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ العقليات التي لم تطبق على المجال الإسلامي إلا قليلاً جداً أو حتى لم يٌطبق على الإطلاق ،من قبل المستعربين والمختصين بالدراسات الإسلامية هذا ان لم نقل المستشرقين . فهم لا يشجعون على مثل هذه الدراسات فيما يخص الإسلام ولكننا نعلم انها مزدهرة جداً فيما يخص المجال الأوروبي . أما البلدان العربية الإسلامية فهي الأخرى لا تشجع على تطبيق هذه المنهجيات الريادية الحديثة على التراث الإسلامي بل ولا تعرفها أصلاً . ونظرية القيامة كما جاءت في الكتب الأوروبية الصليبية هي مدعاة للسخرية بالإسلام ، ومن هذا المنظور الواسع من الفهم والمعقولية ينبغي أن نطرح مسألة ظاهرة قيام القيامة ونعيد دراستها وتفحصها من جديد وبعيون ثاقبة ومفهوميه جديدة مختلفة تماماً عما سبق أي عن المنظور التقليدي السائد والراسخ لدى أتباع الفرق الإسلامية منذ مئات السنين ،ينبغي أن نتفحصها خارج كل التحديات التقليدية أو المقومات الدوغمائية العقائدية التي تقدمها عناصر تمزيق الأمة الإسلامية بالخفاء ، ومعلوم أن التصور التقليدي لا يزال يتمتع مقدرته التعبوية على تجييش عناصر التمزيق وذلك لأنه راسخ في العقلية الجماعية منذ مئات السنين ، وبالتالي فهو يشكل حقيقة مطلقة لا تنافس ولا تمس .
جلال الدين الحسن الثالث بن محمد الثاني :
607 – 618 هـ 1210- 1221 م رفض عقائد آبائه في القيامة ، وقام بوصل حباله مع العالم الإسلامي فقد أرسل إلى الخليفة العباسي الناصر لدين الله وإلى السلطان السلجوقي خوارزم شاه والملوك والأمراء يؤكد لهم صدق دعوته إلى التعاليم الإسلامية بذلك وصار أتباعه يعرفون بالمسلمين الجدد .
نستخلص من كل ما سبق أن ذروة المشروعية الدينية العليا لا تزال مطلباً يتعلق بالخيال الإسلامي المشترك وعموم المسلمين حتى الآن ، لكننا في ذات الوقت نلاحظ انه في الواقع التاريخي المحسوس فان السلطة أو السلطات كانت تنال في كل مكان عن طريق العنف والقوة المحضة التي لا شرعية لها إلا شرعية العنف المسلح . لهذا السبب فإن جميع ما قيل ويقال الآن عن علماء التاريخ في الدين الإسلامي ليس إلا تصورات الحاقدين على الوحدة الإسلامية وتطورها .
محمد الثالث بن الحسن الثالث :
وبعض الكتب تسميه علاء الدين محمود : كان حكمه من سنة 1121- 1225 / م خلف أباه وعمره 9 سنوات ، وظل وزير أبيه حاكماً لآلموت وقد عاد الناس في عهده إلى المحرمات ، وارتكاب الخطايا والإلحاد ، حكم خمس أو ست سنوات ثم يقال عنه من قبل الأعداء أنه أصيب بلوثة عقلية ، فانتشرت السرقة واللصوصية وقطع الطرق والاعتداءات .
لقد حصل خلط بين الإسلام كدين و الإسلام كإطار سياسي تاريخي ،لبلورة ثقافة ما وحضارة معينة لشعب مسلم قاد مرحلة تاريخية ضد المغول في الشرق المسلم . ثم استمرار هذا الخلط وتأبده إلى درجة انه يغذي اليوم تشويشاً عقلياً يعزل الإسلام عن كل تاريخية إنسانية ممكنة ، وهكذا يصبح وكأنه لا علاقة له بالواقع ولا بالتاريخ البشري وهنا يكمن أحد الجوانب السلبية للخطاب الأصولي المسيطر إلى درجة انه انزلق إلى تشكيل تصورات ،ثمة إسلام مهموس أو استيهامي وخيالي بالخالص . وهذا ما يقوي من العراقيل الإيديولوجية والنفسية الثقافية التي تؤخر أو تزور أو تكرس فشل محاولات توحيد الأوصال المتقطعة للتراثات المتناحرة في فضاء العالم الإسلامي .
ركن الدين خورشاه :
1255- 1258 م قاد هولاكو حملته العسكرية على القلاع الإسلامية الإسماعيلية النزارية عام 1256 م وكان هدفه القلاع ، ومازال يتقدم حتى استسلم له ركن الدين وسلمه قلعة آلموت وأربعين قلعة وحصناً كلها سويت بالأرض وطرد أهالي هذه القلاع عن سكناهم ، فاستقبله هولاكو بترحاب وزوجه فتاة مغولية ، وفي عام 1258 م انتهى منه بقتله ، وبذلك انتهت دولة الحشاشين سياسياً في بلاد فارس .
هناك سيل من الكتب التي تتحدث عن الاستقطاب العدائي المزعج بين الإسلام والإسلام من جهة ، والغرب والإسلام من جهة أخرى ، فالمنشورات عن الموضوع في اللغات الأوروبية لا تعد ولا تحصى . وهي تتحدث عن تاريخ الإسلام الإسماعيلي النزاري( الحشاشين ) بطريقة مثيرة وهمجاية ولا مسؤولة في احيان كثيرة ، وفي ذات الوقت هناك كلام غائب كثير ، أي نقص مريع في التحليلات الجادة للموضوع . لقد حصل هيجان عدائي مسعور بين كلا الطرفين الإسلامي والمعادين للإسلام بشكل عام والمتعاونين مع هذا العداء هو الذي أدى إلى إفساد الفكر والعقل والأخلاق والعلاقات الدولية وكل شيء ، لم يعد ممكناً لصوت العقل والحكمة والتحليل الرصين للظاهرة الدينية أن يرتفع في مثل هذا الجو المحموم والمسعور . وبالتالي فينبغي علينا أن نعري هذا الطلاق المعرفي الخطير الحاصل بين الفكر النقدي لعلوم الإنسان والمجتمع من جهة ، وبين هذه الكتب السطحية الغزيرة التي تروج لها وسائل دور النشر الكبرى في الغرب من جهة أخرى ، وهذا الترويج له مقاصد آنية تتمثل في رغبة دور النشر وكتاب انتهازيين في الربح التجاري السريع ولا يهدف إطلاقاً إلى تشكيل ذات عاقلة متبصرة داخل الفضاء المدني الإنساني لمجتمعاتنا غربية كانت أم شرقية في الوطن العربي . وبالتالي فالكثير مما كتب عن الإسلام في الغرب لا قيمة فكرية له . بل أكثر من ذلك ، لقد طغت هذه الكتب السطحية التي تدغدغ عواطف شريحة كبرى من عقول الغرب الخائفة من الإسلام أو الكارهة له تاريخياً إلى درجة أن الناشرين الفرنسيين ما عادوا ينشرون الكتب الجادة عن الإسلام بحجة أنها معقدة صعبة لا تروج تجارياً ، وأصبح القراء أنفسهم يتحاشون هذه الكتب العلمية الجادة لأنها تتطلب منهم بذل بعض الجهد والتعب لقراءتها وفهمها فهماً صحيحاً .
شمس الدين محمد بن ركن الدين :
تقول روايات الإسماعيليين بأن ركن الدين قد أخفى ابنه شمس الدين محمد الذي هرب من بطش هولاكو متنكراً إلى جهة ما بجنوب القوقاز ، ثم استقر في قرية انجودا على الطريق بين أصفهان وهمدان . وبقي فيها إلى أن مات في النصف الأول من القرن الثامن للهجرة وكان من عقبه سلسلة من الأئمة في القرن التاسع عشر ومنهم ظهرت أسرة آغاخان .
أمام كل هذه الانقلابات التي طرأت على المناخات العقلية لشعوب بأسرها وأمام كل هذا التفكك والانهيار من دون استثناء لم يعد الشيء الملح والعاجل أن ننزع أغلفة الأسطرة عن الوعي الديني والوعي القومي لكل شعب على حدة ، أو قُل إنه مهم ولكن هناك أولويات أخرى أيضاً خصوصاً بالنسبة للشعوب . ومعلوم أنه نزع الهالات الأسطورية عن الفترة البدائية الأولى وكذلك عن شخصية السلطة لكي تبدو على حقيقتها التاريخية . وقد فعل ذلك عن طريق أرخنة المعرفة الخاصة بالفكر الديني والممارسات الدينية من طقوس وسواها . وكان ذلك شيئاً ايجابياً في وقته لأنه حرر الوعي من عقلية الخرافات والمعجزات التي تنتهك قوانين الطبيعة . ولكن نحن بحاجة إلى شيء آخر أضافي . لماذا نقول ذلك ، لأن الشعوب الإسلامية من عربية وغير عربية تعيش الآن مأساة تاريخية كبرى من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والفقر والجوع وفشل التنمية ، وبالتالي فلا نريد أن نزعزها أكثر مما هي مزعزعة عن طريق أرخنة عقائدها الأكثر قداسة وحميمية فهي الشيء الوحيد الباقي لها لكي تستمسك به وتستعصم . والأرخنة هنا تعني نزع القداسة عن العقائد التقليدية الموروثة أبا عن جد منذ آلاف السنسين .
انقسم الحشاشون بعد شمس الدين إلى قسمين :
بعضهم نادى بإمامة محمد شاه واعترفوا به وبالأئمة من نسله حتى انقطعت سلسلتهم في منتصف القرن العاشر الهجري وكان آخرها الإمام ظاهر شاه الثالث المعروف ( بالدكني ) والذي هاجر إلى الهند وتوفي هناك حوالي سنة 950هـ وانقطع هذا الفرع على الرغم من وجود أتباع له إلى الآن في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط . وأصحاب الفرع الثاني اعتقدوا بإمامة قاسم شاه وهؤلاء يشكلون العدد الأكبر من هذه الطائفة وقد هاجروا إلى أعالي نهر جيحون .
انقسم الإسلام كسياسي إلى عدة فرق ومذاهب . ومهمة الباحث تعرية كل تلك الفرق والمذاهب كلاً على حقيقته وعدم تصديق كلام كتب التراث على علاته بإلصاقات وتهم مزورة لا تخدم حتى تلك الفرقة والمذهب . من هنا نفهم سبب الانقسامات العقائدية داخل البوتقة السياسية التي لا تزال مستمرة وتدون في كتب الإسلاميين وغير الإسلاميين حتى يومنا هذا بين السنة والشيعة الإسماعيلية أو الشيعة الإمامية الإسماعيلية أو المعتزلة والإباضية التي هي الفرقة الوحيدة المتبقية من فرق الخوارج ولم تنقرض كما حصل للأخريات . هنا نجد مثالاً ساطعاً على التقهقر الذي حل بالفكر العربي الإسلامي اليوم إلى درجة لم يعد المثقف يهتم إلا بكتب ما يسمى بالتراث . أما ما كان يطلق عليهم الحشاشون من قبل الصليبيين ، هم الآن منارة الفكر والثقافة والسلام والمحبة بين المجتمعات العالمية التي تبرهن عن حقيقة تلك الحقبة الزمنية المشوهة من قبل أعداء الأمة الإسلامية جمعاء . ولكن الخوف كان من ان تنقسم الأمة وتهلك بسبب انشقاقاتها الداخلية . هذا الخوف كان يمثل دائماً الوسواس المرعب الذي يلاحق الأمة الإسلامية ويقض مضجعهم ، فكانوا يخافون من الانقسامات الداخلية أكثر من العدوان الخارجي . ثم حصل الانقلاب الكبير بعد انتهاء عهد المأمون والمعتصم والواثق ومجيء عهد المتوكل . فهذا الخليفة الجديد الذي سار في البداية على سيرة أسلافه سرعان ما أكتشف أن أطروحات المعتزلة نخبوية وغير شعبية على الاطلاق . وكذلك اكتشف عدم شعبية أهل الرأي الشخصي وتحكيم العقل ، مقابل الشعبية الهائلة لأهل الحديث والتقليد والنقل ، ولهذا السبب قام بانقلاب سياسي حقيقي ،
الحشاشون ( الإسلاميون الإسماعيليون ) في بلاد الشام
أبرز شخصياتهم في الشام هو شيخ الجبل ( سنان بن سليمان بن محمود ) المعروف برشيد الدين الذي نشأ في البصرة ، تلقى علومه في قلعة آلموت وكان زميلاً لولي العهد الحسن بن محمد الذي أمره بالرحيل إلى بلاد الشام عندما صار الأمر إليه . انتقل إلى بلاد الشام وجمع الإسماعيلية حوله وصار لهم نفوذ وسلطان بفضله ، واعترف الناس بزعامته غير أنهم عادوا بعد موته إلى طاعة أئمة آلموت ، وقد كان شخصاً مخيفاً وهم يذكرونه على أنه أعظم شخصياتهم على الإطلاق ، خلفه أمراء ضعاف مما سهل إنهاءهم والقضاء عليهم على يد الظاهر بيبرس ، امتلكوا عدداً من القلاع ، وقاوموا الزنكيين وحاولوا اغتيال صلاح الدين الأيوبي عدة مرات ، - وممايؤكد تعاونهم مع الصليبيين :
1- عدم وقوع صليبي واحد من الغزاة أسيرا في ايديهم أو مقتولاً بسلاح أحدهم .
2- قاتلهم حاكم الموصل السلجوقي الذي حضر إلى دمشق لمساعدة إخوانه المسلمين في رد هجمات الصليبيين .
3- قيامهم بتسليم قلعة بانياس ولجوء قائدها إسماعيل إلى الصليبين حيث مات عندهم
4- اشتراك فئة من الإسماعيليين مع الصليبيين في أنطاكية بعد أن احتل نور الدين حلب .
لقد نشأت خرافات الحشاشين ، وهي التي تجذرت في عداء المسلمين العام تجاه الإسلاميين الإسماعيليين وفي انطباعات الأوروبيين التخيلية الخاصة عن الشرق العربي ، فإن التقدم في مجال الدراسات الإسلامية ، والاختراق الحديث الهام في دراسة تاريخ الإسلاميين الإسماعيليين وعقائدهم قد جعل من الممكن أخيراً تبديد هذه الفكرة عن الحشاشين ( المسلمين الإسماعيليين ) ، مرة وإلى الأبد ، بعضاً من الاساطير الموضوعة للحشاشين ، والتي بلغت ذروتها في الرواية الشعبية المنسوبة إلى ( ماركو بولو ) الرحالة البندقي الشهير من القرن الثالث عشر ميلادي والهدف الأساس لهذه الدراسة هو تتبع أصول أكثر خرافات العصر الوسيط شهرة التي تحيط بالمسلمين الإسماعيليين النزاريين وفي الوقت نفسه تقصي الظروف التاريخية التي في ظلها حققت تلك الخرافات مثل ذلك الانتشار الواسع النطاق .
لقد كان للمسلمين الإسماعيليين تاريخ طويل حافل بالاحداث امتد على مدى اثني عشر قرناً تشعبوا خلاله إلى فروع رئيسة وتجمعات ثانوية أقل شأناً . وقد ظهروا إلى الوجود كجماعة مسلمة شيعية منفصلة قرابة القرن الثامن ، وأسسوا لمرتين خلال العصور والوسطى دولة خاصة بهم ( الخلافة الفاطمية والدولة النزارية ) . لعب المسلمون الإسماعيليون في الوقت ذاته دوراً هاماً في التاريخ الديني السياسي والفكري والعلمي للعالم الإسلامي ، وقد انتج الدعاة المسلمون الإسماعيليون المشهورون ، والذين كانوا رجال دين وفلاسفة ومبعوثين سياسيين في آن معاً ، رسائل عديدة في حقول شتى من المعرفة تظهر فيها ماهية مساهماتهم الخاصة في الفكر الإسلامي العام في العصور الوسطى .
الأفكار والمعتقدات
تلتقي معتقداتهم مع معتقدات الإسماعيلية عامة من حيث ضرورة وجود إمام معصوم ومنصوص عليه وبشرط أن يكون ابن الإمام السابق .كل الذين ظهروا من قادة الحشاشين إنما يمثلون الحجة والداعية للإمام المستور باستثناء الحسن الثاني وابنه فقد ادعيا بأنهما إمامان من نسل الإمام نزار .
إمام الحشاشين بالشام رشيد الدين سنان بن سليمان قال بفكرة التناسخ فضلاً عن عقائد الإسماعيلية التي يؤمنون بها ، كما ادعى أنه يعلم الغيب . ...
= لم يساهم المسلمون الإسماعيليون أنفسهم في توضيح الأمور عندما تحرزوا على أدبهم ورفضوا الكشف عن معتقداتهم للغرباء ، غير أنه كانت لهم مبرراتهم في المحافظة على سريتهم ، لأن المسلمين الإسماعيليين في العصور الوسطى ، كانوا من أكثر الجماعات الإسلامية التي اضطهدت بقسوة في العالم الإسلامي وتعرضت عائلاتهم للمذابح في الكثير من المواضع ، ولذلك كان المسلمون الإسماعيليون مرغمين منذ بداية تاريخهم على التقيد الصارم بمدأ التقية الشيعي ، وهو أخفاء المرء لحقيقة معتقده الديني من باب الاحتراس في وجه الخطر ، وفي الحقيقة ، إذا ما استثنينا الفترة الفاطمية عندما كانت الدعوة إلى المعتقدات الإسلامية الإسماعيلية في الأراضي الفاطمية تتم بشكل علني , فان تطور الجماعات الإسماعيلية قد تم في سرية مطلقة ، وأن الإسماعيليين قد قسروا على ما يمكن الاصطلاح عليه بالوجود السري أو الخفي . يضاف إلى ذلك أن الدعاة الذين انتجوا جل الكتابات الإسلامية الإسماعيلية كانوا من علماء الدين بشكل أساس ، ولم يكونوا بحد ذاتهم شديدي الاهتمام بالكتابات التاريخية وقد وفر ذلك كله ، بالطبع ، فرصاً مثالية لخصوم المسلمين الإسماعيليين الكثر لتحريف معتقداتهم وممارساتهم الفعلية وتشويهها .
الحسن الثاني بن محمد : مكررب
مكرر
الجذور الفكرية والعقائدية :
أصولهم البعيدة شيعية ثم إسماعيلية . كان القتل والاغتيال وسيلة سياسية ودينية لترسيخ معتقداتهم ونشر الخوف في قلوب أعدائهم . فكرة التناسخ التي دعا إليها رشيد الدين سنان مأخوذة عن أقوام قبله .
الانتشار ومواقع النفوذ :
انطلقت دعوتهم من كرمان ويزد إلى أواسط إيران وأصفهان ثم خوزستان ثم هضبة الديلم واستقرت في قلعة آلموت ، وشرقاً وصلوا ما زندران ثم قزوين واحتلوا منطقة رودبار ولا ماسار وكوهستان ... واحتلوا كثيراً من القلاع وامتدوا إلى نهر جيحون . وصلت دعوتهم إلى سوريا ، وامتلكوا القلاع والحصون على طول البلاد وعرضها ومن قلاعهم بانياس ومصياف والقدموس والكهف والخوابي وسلمية .
كان زوالهم في إيران على يد هولاكو المغولي وفي سوريا على يد الظاهر بيبرس . لهم أتباع إلى الآن في إيران وسوريا ولبنان واليمن ونجران والهند وفي اجزاء من أواسط ما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي في السابق .
ويتضح مما سبق : أن الحشاشين جناح من الإسماعيلية ( النزارية ) اتخذوا القتل وسيلة لهم وقاموا بحركة اغتيالات واسعة شملت كبار الشخصيات المناوئة للإسماعيليين من ملوك وقادة جيوش وكل من يظهر خصومة لهم ، وقد أفتى العلماء باستباحة دمائهم ووجوب تنظيف الأرض من أعمالهم وعدم جواز أكل ذبيحتهم أو عقد صداقات معهم .
شاركو صلاح الدين الأيوبي : في حروبه مع الصليبيين ولعبوا دوراً فعالاً في تحقيق انتصاراته ضد الصليبيين . اغتالوا الكونت ريمون الثاني كونت طرابلس لبنان عام 1148 م – كما اغتالوا الملك كونرادديمونيغيرا ملك بيت المقدس . وبعد انتصارات صلاح الدين بالتعاون معهم تنكر لهم وقام بمجازر رهيبة بحق أطفالهم ونسائهم وشيوخهم ( كبار السن )
المجلد / 13 / ص 129 – 130
الأبطال لا يقتلون إلا غدراً
إن الأسود لا تقتل إلا في الظلام ، وإن الأبطال لا ينالون إلا بالغدر والخيانة ، وتلك هي المأساة الكبيرة التي عانت منها أمة الإسلام على مر عصورها فكلما ظهر بطل أو قائد أو داعية أو عالم في الشرع أو في فرع من فروع العلوم أو نبغ أحد في أي مجال من المجالات التي ستحقق خيرا ونفعاً للمسلمين ، فإن أعداء الأمة والدين يعملون على إزاحة هذا النابغة بشتى الوسائل ، إما بالإغراء والاستقطاب أو بالسجن والنفي أو بالقتل والغدر ، وثبت أن تاريخ الأبطال والأفذاذ الذين قتلوا غدراً ، طويل وممتد منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقتنا الحاضر ، بعد الانتصار في الرها ضاقت السبل على أعداء الإسلام ( الصليبيين ) وأصبح كيانهم بالشام والذي بنوه في خمسين سنة في خطر حقيقي في ظل وجود هذا الأسد الرابض ، وبعد أن أعيتهم الحيل في ميادين القتال وصار ينتصر الأسد عليهم في كل موطن من سوريا ، قرروا اللجوء إلى سلاح الغدر والخيانة والأيدي القذرة التي لا تعمل إلا في الظلام ، فكر الصليبيون في كيفية التخلص من عماد الدين الزنكي وقرروا اغتياله ، وبعد تفكير وتقليب في من سيقوم بهذه المهمة قرروا إسناد مهمة الاغتيال إلى جماعة معروفة بخلافها مع عماد الدين الزنكي ومقاتلتها له ، وبالفعل وفي 6 ربيع الآخر سنة 541 هجرية والبطل الفذ عماد الدين الزنكي يحاصر أحد القلاع المطلة على نهر الفرات واسمها ( قلعة جعبر ) قامت مجموعة من الباطنية الحشاشين بالاتفاق مع الصليبيين ، بعد أن قبضوا الثمن بالتسلل إلى معسكر عماد الدين الزنكي واندسوا بين حراسه ، وفي الليل دخلوا على خيمته وهو نائم وقتلوه رحمه الله وهكذا مات البطل وترجل الفارس وحط الراكب بعد حياة طويلة كلها جهاد وكفاح ونصرة للإسلام وأهله .
ملاحظة : من المعروف تاريخياً أن عماد الدين الزنكي مات بظروف غامضة ، وهناك روايات أخرى تقول أنه قتل على يدي ثلاثة من الأعاجم ولم يعرف انتماؤهم .
دمشق 1/10/2010 حسن م اليازجي