زارت و نجم الدجى يشكو من الأرق للشاعر لسان الدين الخطيب
زارت ونجم الدجى يشكو من الأرق
|
والزهر سابحة في لجة الأفق
|
والليل من روعة الإصباح في دهش
| قد شاب مفرقه من شدة الفرق
|
وأوشكت أن تضل القصد زائرة
| لولا أني كنت في باق من الرمق
|
قالت تناسيت عهد الحب قلت لها
| لا والذي خلق الإنسان من علق
|
ما كان قط تناسي العهد من شيمي
| ولا السلو عن الأحباب من خلق
|
ولا ترحلت عن مغناك من ملل
| قد يترك الماء يوما خيفة الشرق
|
كم ليلة بتها والطيف يشهد لي
| لم تطعم النوم أجفاني ولم تذق
|
أشكو إلى النجم وهنا أكابده
| حتى شكا النجم من وجدي ومن قلق
|
يا لائمي أفيقا من ملامكما
| فإنني منذ سقيت الحب لم أفق
|
هل تذكراني ليالينا وقد نفحت
| ريح الصبا في رياض للصبا عبق
|
وإذ نعمنا برغم الدهر فيه وقد
| عض الأنامل من غيظ ومن حنق
|
بكل ساحرة الألباب آيتها
| أن تطلع الشمس في جنح من الغسق
|
تنازع الغصن لدنا في تأوده
| وتخصم الريم في الألحاظ والعنق
|
والروض يجلو عذاره وقد لبست
| عقائل الورق ديباجا من الورق
|
كأنما الغصن شارب ثمل
| بكأس مصطبح في الأنس معتبق
|
فكلما ارتاح هز العطف من طرب
| وجاد زهوا بمنثور من الورق
|
كأنما الدوح والأغصان جائلة
| قد جادها كل جهم الغيم مندفق
|
أحبة راعها والشمل منتظم
| داعي الوداع فمن باك ومعتنق
|
كأنما الطل إذ طل الشقيق به
| خد بصفحته رشح من العرق
|
همت ثغور الأقاحي أن تقبله
| فللبنفسج وجه الواجم الحنق
|
كأن أوراقه والريح تعطفها
| سواعد رفعت خضرا من الدرق
|
كأنما الآس آذان الجياد وقد
| شعرن بالروع في قفر من الطرق
|
كأنما النهر في أثنائه أفق
| والورد في الشط منه حمرة الشفق
|
أو سيف يوسف يوم الروع سال به
| نجيع أعدائه المحمر في الزرق
|
إمام عدل يحب الله سيرته
| عف الغيوب كريم الخلق والخلق
|
أقام للدين قسطاسا فأمنه
| ما سامه الجور من نحس ومن رهق
|
وعم بالرفق هذا القطر فابتدرت
| تنمي مآثره جوابة الرفق
|
أقول للركب المزجي مطيته
| يحثها السير بين النص والعنق
|
يا زاجر العيس أنضاء مضمرة
| كأنها أسهم يمرقن عن فوق
|
أهلة ما لها عهد بمنزلة
| من كل منخسف الجثمان ممحق
|
أرح ركابك فقد أوردت في نهل
| وقد ظفرت بحبل الله فاعتلق
|
حللت بالمنزل المحبو نائله
| بباب ملك لباب البر مستبق
|
نمته أملاك صدق بل ملائكة
| من كل محتزم بالحزم منتطق
|
آثارهم في سماء الملك لائحة
| تهدي وذكرهم مسك لمنتشق
|
وحل من الأنصار منتسبا
| في معشر صبر عند الوغى صدق
|
حزب النبي الألى إن روعة دهمت
| ملء الفضا لم تهن ذرعا ولم تضق
|
يا قائد الخيل تردي في أعنتها
| هزلى الأباطن والأنساء والصفق
|
من كل أحمر وردي تنازعه
| ظباء وجرة في الألوان والخلق
|
وأشهب في سماء النقع مخترق
| كأنه قاذف يهوي لمسترق
|
وأدهم اللون إن أبداك غرته
| تخال زنجية تفتر عن يقق
|
كأنه وهو بالظلماء مشتمل
| خاضت قوائمه نهرا من الفلق
|
وأبلق شغفت حور العيون به
| كأنما عطفتها نسبة الحدق
|
تشارك الليل في أحكام صنعته
| واليوم واتفقا فيه على البلق
|
أنت الذي خاصمت فيك السيوف إلى
| أن خلص الحق رهن الملك من غلق
|
وأنت أمنت حقا ثغر أندلس
| وقلب ساكنها يرتج من خفق
|
قد عاودت دولة الإسلام جدتها
| والكفر مشتمل بالواهق الخلق
|
فأقلق البيض واهزز كل غالبة
| فالدين في مرح والكفر في وهق
|
حتى إذا الروم رامت فرصة ونزا
| يوما منافقها الأشقى عن النفق
|
فاهزز بوعبك قبل الجيش ما جمعوا
| واضرب بسعدك قبل الصارم الذلق
|
واستقبل الفتح والنصر الذي نطقت
| آثاره بصحيح غير مختلق
|
وإن شكت مرهفات الهند من ظمأ
| فسقها عللا صرفا من العلق
|
وإن هم جنحوا للسلم واعتلقوا
| منها بمستحتكم الأسباب والعلق
|
فاجنح لها بكتاب الله مقتديا
| إذ ذاك واستبق فلا من ظباك بق
|
واهنأ بقابل أعياد مواسمها
| منظومة ككعوب الرمح في نسق
|
في ظل مملكة من دون ساحتها
| ردء من الله يحمي حوزها ويق
|
مولاي دونكها عقدا فرائده
| تزهى بمنتظم الإبداع متسق
|
يودها الدوح في أغصانه زهرا
| غضا وتحسدها دارين في العبق
|
تزري بطيب أواليها أواخرها
| كذلك السبق يبدو آخر الطلق
|
لو جئت في حلبة العرب التي سبقت
| ما كنت في القوم إلا حائز السبق
|
وإن تأخر بي عن جيلهم زمني
| فربما جاء معنى الصفح في اللحق
|
والعقل كالبحر إن هالتك هيبته
| فالشعر يسبر منه منتهى العمق
|
فإن وفيت بحق المدح فهو جنى
| روض بإنعامك السيح العمام سق
|
وإن عجزت فعن عذر وثقت به
| من رام عد الحصى والقطر لم يطق
|
وإن وفيت ببعض القصد ريثما
| يكفي من العقد ما قد حف بالعنق
|